الأحد، 22 يناير 2012

مسرحية ( عـــنمبر )


مسرحية ذات فصل واحد




عنمبر



                     تأليف : طلال محمود                    






نسخة
28-4-2008






نبذة : عنبر .. عمبر .. عنمبر .. ينطقها الناس بعدة أشكال .. تسمع وتفهم بعدة معان وهنا في هذه المسرحية سوف نستخدمها ونشكلها من جديد  ...
تقع أحداث المسرحية في عنبر غير محدد الهوية مع أشخاص غابت هويتهم وسط الحطام .

الشخصيات :

عنبر


عمبر




الجو العام : المسرح عبارة عن غرفة شبه مظلمة بها نافذة شبه عالية وفي الوسط يوجد باب كبير من الفولاذ و به فتحة صغيرة في الأسفل  
في الوسط حفرة كبيرة و كومة رمل


** تـفتـح السـتـارة **
 ( في وسط المسرح نرى احدهم يحفر و يلهث نسمع صوت أنفاسه المنهكة.. ونرى في الطرف الآخر الشخص الثاني وهو  عمبر يقف وكأنه يستمع لما يحدث فجأة ينهض عنبر ويصرخ يأسا" ويرمي بالعصا التي في يده . )

عنبر : اللعنة ... كان هذا الجدار لينا" في البداية حتى إنني حسبته مصنوع من القطن أو الإسفنج ... وهذه العصا الوقحة تعاند الصخور المتراكمة في الجدار والصخور تضحك على العصا وتقول لها ساخرة .. هل يعقل بأن يتطاول الخشب على أسياده الجلاميد ويكسرهم ؟؟!! اخ... ألا يوجد سبيل للخلاص ..

يلتفت نحوه عمبر ويبدأ بالغناء ويقول كما لو كان في عالم آخر

عمبر : خلاص .. خلاص ما يفيد الكلام .. الطعن في الميت حرام ..

عنبر : وكأنني في المغرب وأنت في الصين ..

عمبر : جميل ... جميل جدا " أنا في الصين وابقي أنت في المغرب .. ولا تعكر لي مزاجي .. فكلما ابتعدت عني زال همي ..

عنبر : ولما ...؟؟؟

عمبر : اذكر في ليلة من الليالي نهضت من النوم فزعا" بسببك .. رأيتك تحفر في ذلك الجدار الأحمق كالأخرق وتكلمه .. تارة تترجاه بأن ينكسر .. وتارة أراك تقول له النكت ..!!! بكل بساطة ... افهم فهذا جدار .. وأنت تعرف مكونات الجدار ..صح ؟؟!!

عنبر : اعرف .. اعرف ..

عمبر : إذا لماذا تزهب الدوا قبل الفلعة ؟؟؟

( لحظة صمت يتوجه بها عنبر نحو النافذة ينظر اليها بحزن ومن بعدها يلتفت الى عمبر )

عنبر : كأن هناك شيء ناقص بعقلي ...

عمبر : ( يضحك بهيستريا ) لا يوجد نقص في عقلك .. ان عقلك مفقود من الأساس ...

عنبر : ولكن شيء في داخلي يقول بأنني .... ولقد ولدت في  .... آخ
لماذا تكثر النقط في رأسي لماذ جملي كلها ناقصة ... ؟؟؟!!!!!

عمبر : لا تتعب نفسك فالبحث متعب ..

عنبر : لم أعد احتمل هذا الوضع .. قل لي كم سنة مرت ونحن هنا ؟؟؟ كم ليلة مضت علينا وكم من نهار زارنا و غادرنا...؟؟؟

عمبر : كل ما اتذكره واعرفه بأنني هنا منذ زمن بعيد .. لماذا لا أعلم .. متى لا أعلم .. يقولون الحكماء لاتعلم افضل من أن تعلم لأن لا تعلم تفتح لك اشياء لا تود ان تعلمها

عنبر : اوووو هوووو ... كفاك هراء .. هذه أقوال مجانين وليست أقوال الحكماء

عمبر : والله محد مينون غيرك انت .. اما انا فأتمنى ان اكون بعيد عن الجنون
كي أتخرج .. بكامل قواي العقلية ..

( ينتبه عنبر لكلمة أتخرج ينظر إليه عمبر بتعجب بينما يقترب عنبر منه ببطء )

عنبر : تتخرج ... ؟؟؟ من أين ؟؟ ومتى ...؟؟

عمبر : لا أدري لقد خرجت هذه الكلمة من فمي عن غير قصد ...

عنبر : لا .. هناك قصد ... لا بد ان هناك قصد ... وقصد واضح ..

عمبر : ما بالك ... قصد وقصد وقصد ... اقول لك بأنني  نطقت بهذه الكلمة اللعينة عن غير قصد

عنبر :  لا تقول عن غير قصد ...

عمبر : وهل شتمت اهلك ؟؟؟ افف ... حسنا قلتها عن قصد ..

عنبر : نعم .. عن قصد ... لقد تذكرت لما نحن هنا ...

عمبر : انا اقول الكلمة وهو يتذكر ... !!

عنبر : نحن هنا ... نعم ..

عمبر : أين ؟؟؟

عنبر : سكن الجامعة ..

عمبر : صح .. سكن جامعة .. ونحن ..!!؟؟

عنبر : يوجد شيء هنا في رأسي يقول لي .... آه ... انه يشبه .. يشبه

عمبر : لا تقل لي بأنك نسيت مرة أخرى ؟؟

عنبر : أرقام ... تسلسلات .. تواريخ ... التاريخ .. التاريخ ... نعم التاريخ ...

عمبر : الحمدلله بأنك تذكرت ... ما به التاريخ ..؟

عنبر : تخصصي مادة التاريخ .. عشقي .. التاريخ أرقام و أعوام ..
انتصارات وخيبات أمل .. فتوحات و احتلال .. التاريخ يقول من كنا .

عمبر : ولم تختار سوى التاريخ ... طبعا" كنت تخجل من تاريخك .. صح ؟

عنبر : ولما الخجل .. و تاريخي ماذا يعيبه .. هل تعلم بأن الأندلس ..

( مقاطعا " )  عمبر : ادري كانت لنا .. و وصلنا الصين .. بس اللحين شو ؟؟

عنبر : ملامحنا مرسومة في كل دولة وطأت أقدامنا بها .. وغاصت أرجلنا في طينها و ثلوجها ..

عمبر : لو على الطين تراهم يالسين يغرقونا فيه ..

عنبر : هل تعلم بأنهم  كانوا يحرقون علمائهم و مفكريهم  
ويحكمون عليهم بالسحر والهرطقة ... هل تعلم بأنهم نظروا للساعة وقالوا بأنها مسكونة بالشياطين والأرواح الشريرة ...

عمبر : واليوم ... ؟؟؟

عنبر : أخذت تلك الدول من الخوارزمي وابن حيان وابن النفيس و ..

عمبر : وهم أكملوا بأديسون وجراهام بيل ونوبل وأخذنا منهم بيكهام بتقليعاته
وتشبهنا بأسوأ مطربينهم ولبسنا  ملابسهم ورائحتنا من عطورهم .. وألبسونا ملابسنا من مصانعهم .. للأسف اسمه زي وطني ولكن صانعه مستعمر .... وفتحوا ابوابنا وهجّروا من يريدون الى أراضينا .. دنسوا الطهارة وأسكنوا أعداءنا رغما" عنا .

عنبر : اوهوووو ... ياخي انت شو .. مافيك ذرة أصالة..

عمبر : لو على الذرة تراها عندي .. وانا اتكلم بهالذرة ... بس هم يتكلمون
بالذرات والغرامات والأطنان .. والأعذار .. وخذ الجديد .

كليب 1 مشاهد من الحروب على مر التاريخ
( يقطع حوارهم صوت قصف و محركات طائرات نفاثة فيتجه عمبر ويختبئ تحت الكرسي بينما يحاول عنبر النظر من النافذة وبعدها يهدأ المكان ويصمت ضجيج الطائرات فيقترب عنبر من الكرسي وكأنه تذكر شيئا ما  )

الكليب يبدأ بالتشويش
عنبر : اللعنة على ما حدث ... ضاعت سلسلة افكاري ... عادت النقط تظهر
لكي تفرغ حواراتي ... الجمل لا تتراكب في عقلي ... نحن توجهنا .. بعد التخرج ..
آه لما النسيان ...

عمبر : ما بك ... ؟؟؟؟

عنبر : ثكنة .. حصار .. قصف .. نعم ..نعم .. نحن في الثكنة العسكرية ..ننتظر .

عمبر : ننتظر ماذا ؟؟

عنبر : ننتظر ... ننتظر ... ننتظر ساعة الصفر .

عمبر : ساعة الصفر ؟؟!! ومتى تكون ساعة الصفر هذه في النهار ام بالليل
عند الغسق أم ,,,,

( مقاطعا ) عنبر : ساعة الصفر هي بداية النهاية ..

يرجع الكليب للوضوح لقطات عامة للحروب
( تتغير الإضاءة هنا تماشيا" مع الحالة عندما يقترب عنبر من عمبر ويمسكه ثم يسمع صوت إطلاق النار و القذائف كلما زاد الصوت شد على ملابس عمبر ويلف به في الوسط وفجأة يوقعه على الأرض ويتحول عمبر الى مصد للرصاص و عنبر يختبئ خلفه وكأنه يتبادل إطلاق النار ويتفاعل و تتصاعد حالته مع الحوارات )

عنبر : حانت ساعة الصفر و انتشر وباء الحرب في كل مكان ..الحرب .. موضة العصر .. والربح الأكيد ... لقد  أنزلتنا مروحياتنا هنا في هذه البقعة .. كل منا تدارى خلف شيء يحميه من وابل الرصاص .. هذا وراء الشجرة و ذلك وراء التل والمنحوس وقع على أرض مشبعة بالألغام فتناثرت أشلاءه هنا وهناك..
أما أنا هنا .. وراء هذا المصد أحمي نفسي من الرصاص والقذائف .. عاثوا بالأرض فسادا" يغتصبون نساءنا تحت مسمى التحرير .. لقد حررونا من كل شيء .. الكرامة .. العزة .. المقاومة .. الصدق .. و زرعوا فينا الخيانة . الكذب .. الخوف .. اذكر ذلك الطفل الذي نام في حضن والده يصرخ مستغيثا" فأسكتوا  صراخ والده برصاصة استقرت في ذلك الطفل الذي بات رمز للظلم وبات سلعة لمن يود الغناء والتطبيل على همومنا ..حاولت أن اردعهم ببندقيتي ولكن رصاصة ذلك الجندي اسرع من رصاصتي  ... استقرت في جبهتي ونامت في عقلي وابتسمت ... لأني أصبحت شهيدا" ...... ( كليب الحروب مدموجة مع كليب محمد الدرة وتنتهي عند الجملة الأخيرة )

 ( يبدأ الأثنان بغناء اغنية الحلم العربي ومن بعدها يتجه كل منهم الى ركن حتى يبدأ
الصداع يعذب عنبر مرة أخرى  )

عنبر : أحس بصداع غريب .. بقهر فظيع .. صافحنا من مد يده لخنقنا .. ابتسمنا لهم وهللنا وهم يهدمون بيوتنا .. حررونا من وحوش أرحم منهم في العذاب .. ابتسامة صفراء .. وقلوب سوداء .. وأنفس رمادية ..

عمبر :  عيش حياتك يا ولد ..وخذ منها اللي تباه ... ترى هاي هي الحياة .. ومثل ما يقول شكسبير .. الحياة مسرح ونحن ....

عنبر : كومبارس ... كومبارس صامت يؤدي دوره بإخلاص لكي يصعد سلم التمثيل درجة .. درجة ...

عمبر :ومنو متوهق غير هالممثل وهاي الخشبة .. هم اللي يقولون كل شي
.. يتكلمون عن غيرهم والغير ساكت .. رسالة ولازم توصل ..
اقول عنبر ..  ما رأيك أن نصعد سلم النجومية .. الآن ..

عنبر : كيف ...

عمبر :  (   حوار من مشهد لمسرحية باب البراحة وعنبر يتحول الى ديكور للمسرحية   و تتغير أجواء المسرحية  بالإضاءة والمؤثرات الصوتية )

كليب2 لجمهور ختام أيام الشارقة
( بعدها تبدأ مراسم التكريم ويقدم الحفل عنبر )

عنبر : جمهورنا العزيز نظرا" لمصداقيته وعفويته للأداء تذهب جائزة أفضل ممثل مناصفة ...

( مقاطعا" ) عمبر : حووو ... انا بروحي مثلت وين المناصفة ؟؟!!!

عنبر : إرضاء الجميع غاية لا تدرك .. يجب أن نتحايل في الإرضاء ..
نهاية كليب 2

( يضحكان ومن ثم يتوجه كل منهما الى مكانه .. وفجأة تفتح فتحة صغيرة أسفل الباب ويرمي أحدهم بصحن به طعام الى وسط الغرفة ويغلق الفتحة مما يصدر صوت قويا" ينتبهان له ويتجهان بسرعة نحو الباب ويصرخان ومن ثم ينظران الى الصحن )

عمبر : أأنت جائع ..؟؟

عنبر : وانت ؟؟

عمبر : لقد سألتك بالأول ...

عنبر : اني أرى صحن به قطعة خبز و قطعة لحم ..

عمبر: اتريد ان نتقاسمها ؟؟؟

عنبر : ما بالصحن لا يتقاسمها سوى الأغبياء ...

عمبر : ونحن اغبياء ..

عنبر : لا ... فقطعة اللحم تكاد ان تكفي شخص واحد .. والخبز كذلك

عمبر : فلنكن أغبياء ...

عنبر : لا ....

عمبر : تراك ذبحتنا ... لا و لا و لا و لا ... لا يكون انت احسن مني وانا ما ادري ؟؟؟

عنبر : اكيد ... لا تنسى انا منو وانت منو .

عمبر:  من انت ؟

عنبر : ألم تقرأ كتب الشعر ..

عمبر : لا

عنبر : ولا ديوان .. انزين أي شطر .. أي بحر

عمبر : انا ما اعرف غير بحر الممز

عنبر : اذا كنت ترى بحور الشعر كبحر الممز  .. اذا"
انا أحق بقطعة اللحم ... وانت لك الخبز .

عمبر : اففف بعدين وياك انت .. شو يخص الشعر باللحم ؟؟

كليب 3 عبارة عن صحراء وبعض من مشاهد عن عنترة من خلال الافلام

( تتغير طبقة صوت عنبر وملامحه ويغير في مشيته بينما يتغير الجو العام بالإضاءة
وبعض المؤثرات الصوتية التي تحتوي على صوت خيول و ضربات السيوف
مدموجة بربابة ويقول عنبر بفخر و اعتزاز )

عنبر : من حقي ... منو قدي ... انا من يضرب به المثل في البأس والقوة...
انا من تهابني الرماح و ينحني لي المهند ... انا من تلون جسده بلون المسك .. انا من قال لحبيبته : ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي .....

( مقاطعا" ) عمبر : لحظة ... تشوفني ياهل؟؟؟

عنبر : والآن لماذا ؟؟؟

عمبر : اتريد ان تقول لي بأنك عنترة فارس بني عبس ؟

عنبر : نعم انا هو ولكن اسمي عنبر وليس عنترة ... ماذا أفعل يقال بأن المؤرخ كان مصاب بالعمى اعتقد بأن الأعشى كتب عني .. فقط قلب النقاط وبات اسمي في التاريخ عنترة ...

عمبر : الا والعثرة ... عنترة ... صح ياي من الجاهلية.. ( يضحك مستهزئا" )

( يتغافل عنبر عمبر وينقض على الصحن ويمسك باللحمة فيقفز عليه عمبر ويحاول ان يشد اللحم منه يتقاتلان على قطعة اللحم كالحيوانات الضالة وكأننا نرى اسدين او ضبعين يحومان حول القطعة ويحاول احدهم نهش الآخر حتى يمسك عمبر قطعة اللحم فينقض عليه عنبر وبشكل لا إرادي يصفع عنبر عمبر على وجهه بقوة .. برهة صمت يقطعها صوت أنفاس عمبر الغاضبة ينظر للقطعة ومن ثم لعنبر ويرجع للخلف ببطء بإتجاه النافذة فيفهم عنبر ما يود فعله فيقترب منه ببطء )

عنبر : اعقل .. يا مجنون ... أعلم ما تود فعله .. تعقل ..

عمبر : عشت طويلا" وخالطت الكثير ولم يمد أحدهم يده عليّ ..

( تختلط حواراتهم )

عنبر : دعنا نقسمها بيننا .. ولك الخبزة أيضا" .. ابعد عنك تلك الفكرة المجنونة

عمبر : لن ادعك تتهنى بها .. انظر اليها .. نعم انا مجنون .. وسأريك ما سيفعله جنوني ..

( يدفع عنبر بعيدا" عنه ومن ثم يرمي بقطعة اللحم من النافذة فيصرخ عنبر حسرة بينما يضحك عمبر بهستريا تتدرج الى البكاء ويجلس في مكانه .. ينتبه له عنبر يأخذ الخبزة ويجلس بجواره ويقطعها الى قطعتين ويناولها لعمبر )

عنبر : كنت أريد بعض من الطاقة لكي استطيع اكمال الحفر .. والهروب من هذا المكان اللعين ..

عمبر : انا من يحتاج للطاقة كي اسمع قصصك و حواراتك المملة .

عنبر : اففف.. وهذا الحارس ...

عمبر : هذا الحارس اللعين .. يأتي في كل مرة من غير ان نحس به ...
يرمي لنا قطعة واحدة .. لنتقاتل عليها ...

عنبر : هو يعرف ما يفعله جيدا" ... يرمي قطعة واحدة ويتقاتل الجميع عليها ...
ومن ثم ....  من ثم .....  آه  رأسي ....

عمبر : روح .. روح .. نسيت شو تبا تقول مرة ثانية

( وكأنه تذكر شيء مما يقوله ..ينهض يحمل القطعة الخشبية التي يحفر بها ويتجه بجوار الجدار ويبدأ بالحفر بينما ينهض عمبر ويتجه نحو النافذة وصوت تلاطم الأمواج يشده)

عمبر :اتود ان أقرأ لك أخبار اليوم ...

عنبر ( وهو منهمك في الحفر )  : قول .. هات ما عندك ..

عمبر : قتل 10 أشخاص اثر قصف ..

عنبر : اللي بعده ..

عمبر : طفل لم يكمل السنة لقي حتفه اثر ..

عنبر : اللي بعده ..

عمبر : هذا خبر مفرح .. جرح 3 من جيش العدو بينما مات 30 من اهالي ..

عنبر : افرح بها الخبر بروحك .. اللي بعده

عمبر : تقوم حاليا" إحدى الفنانات بإجراء عملية نفخ في أماكن محظورة
لكي تزيد من اشراقتها على الشاشة ..

عنبر : هيه هالأخبار .. خلهم يزيدون ..

عمبر : فنان مدمن على الخمور سوف يؤدي دور رجل دين ويحارب المفسدين..

عنبر : وين جمعيات حقوق الفنانين عنه ؟؟

عمبر :  قامت راقصة في إحدى النوادي الليلية بأداء أول دور لها على الشاشة
لا و بطولة .. إذ أن القصة تدور حول أم مكافحة تربي أطفالها وتعلمهم أمور الدنيا والدين ..

عنبر : عادي .. وايد قاموا يدخلون المجال ويمثلون ادوار عكس شخصياتهم الحقيقية ..  
يتركون الأصيل يموت بأصله وفنه وياخذون اللي يدق على بابهم بعد الساعة 12..
 وهنا الثانية عشر  أي في منتصف الليل ...

( فجأة تنكسر القطعة الخشبية فينهض عنبر منتقلا" من حالة الضحك الى حالة الغضب يتجه الى الكرسي الموجود في الوسط ويركله بقوة وهو في قمة الغضب والقهر )

عنبر : كم أكرهك أيها الكرسي... مما أنت مصنوع ... الا تستطيع ان تقاوم الحجر .. ألا تود الصمود ؟؟؟ عاجز يا كرسي .. عاجز ... توقعتك ستصمد وأنت على ثلاثة أرجل .. سحقا" لك ... من اتى بك .. من أي شجرة صنعت ... كم أود اقتلاع يد النجار .. وادق المسامير في رأسه ...

عمبر : مسكين هذا الكرسي ... لقد وجد في مكان و زمن غير مناسبين له ... يا عنبر ألا تذكر ما يفعله الكرسي ...

عنبر : لا ...

عمبر : عيل تعال وبخبرك .. هالكرسي اللي مب عايبنك شو يسوي .

( يتحول عنبر الى كرسي بينما يجلس فوقه عمبر ويبدأ بالحديث عن الكرسي وعنبر يحوم في أرجاء الغرفة )

عمبر : الكرسي .. وبكل فخر .. سلاح ذو حدين إما أن يكون لنا أو يكون علينا .. ( يوجه عنبر ) روح سيدا ... شوي يمين .. اوكي .. نرجع للكرسي .. هل تصدق يا صديقي بما يفعله الكرسي بالبشر .. جلس عليه مرة رجل مسكين .. حطاب فقير .. صنع كرسيه من شجرة كانت تحميه من وحوش الغابة ولكنه تمرد وقد أصابه الطمع أراد أن يقوي كرسيه ..

( ينهض عمبر من على الكرسي ويبدأ بتمثيل القصة مع عنبر )

عمبر : وبدأ بقطع الأشجار الحامية له و زاد من متانة وعلو كرسيه وهو لا يدرك بأن الوحوش تنتظره ... وظل يكسر و يكسر و يكسر .. حتى وصل الى شجيرة صغيرة .. اقتلعها من غير رحمة وفصلها عن جذورها .. ذبلت أوراقها الخضراء وتيبست .. ماتت وتكسرت ..
وخرجت الوحوش فجأة وأخذت تهجم عليه .. هرب .. اتجهت الى بيته  وأكلت كل ما يتنفس في ذلك البيت وظل وحيدا" يندب حظه و أقسم بعدها بأنه لن يجلس حتى مماته ومات واقفا"  .

( يقفان هما الاثنان فوق الحفرة وكأنهما يقيمان شعائر الجنازة ومن ثم يخرجان قطعة قماش بيضاء طويلة ويأخذ عمبر طرف القماش ويبتعد بينما يجر عنبر الباقي ويخرجها من الحفرة وبعدما يخرجانها كلها يمسك كل منهم طرف ويبدأن في التشكيل والرقص و بعض التعبيرات الجسدية التي ترسم حالتهم النفسية نرى القماش يتحول الى شراع من ثم الى كفن وبعدها الى طرحة و أعلام مع إضافة بعض المؤثرات الصوتية والإضاءة وبعدها ينتهيان عند الحفرة مرة أخرى ويرميان القماش في الحفرة ويتجهان الى وسط الغرفة )

عنبر : وماذا الآن ؟؟

عمبر : لا اعلم ..

عنبر : اسمك عمبر ...

عمبر : نعم .. وما به اسمي ..

عنبر : عمبر .. وانا عنبر ..

عمبر : ومالجديد .. هل ستقول بأنك قيس ام انك عاصرت المماليك ؟؟

عنبر : اسمك عطر .. يتعطر به الجميل ليزداد في حسنه ..

عمبر : عنبر ... اراك تتغزل بي .. وهذا الوضع غير مطمئن .

عنبر : اطمئن .. لقد حن قلبي للشعر فقد كنت أتغزل بفتاة أحببتها ..

عمبر : انت تحب ؟؟!!

عنبر : بل أحببت ...

عمبر : وماذا حدث ؟

( عندما يبدأ عنبر بسرد القصة تتغير الإضاءة ويتحول عمبر الى فتاة
ويستغل الإكسسوارات الموجودة كقطع القماش الموجودة على المراتب )

عنبر : تخرج في كل صباح تتجه للبقالة وهنا ينبض ملعون الصير .. قلبي .

عمبر ( شخصية الفتاة )  : شو بلاك تلاحقني ..؟؟

عنبر : بغيت اتعرف .. اتشرف ..

عمبر : ليش ما عندك شرف ؟؟ هاهاهاي

عنبر : فديت هالضحكة الحقيرة .. اموت في ابتسامتج الخطيرة ..

عمبر : عيب ترانا في الفريج مب في الحظيرة ..

عنبر : دليني بيتكم .. بكلم ابوج لابو ابوج ..

عمبر: بيتنا تشوفه وتندله .. و ابوي تراك تعرفه ..

عنبر : يعني اروح له راحت روحه ..

عمبر : فديته انا ..

عنبر : ابوج ولا انا ؟

عمبر : من يحبني انا ..

( يتحول عنبر الى والد الفتاة ويظل عمبر فتاة )

عنبر ( شخصية الأب ) : ياني واحد ما يسوى يقول بياخذج الله ياخذه .

عمبر : باباتي هذا يحبني ويبغي درب الحلال .

عنبر : حله وسطه .. هذا مب من مستوانا ولا هو منا وفينا ..
هذا دخيل علينا ولا يمكن انه يكون بينا ..

عمبر : يعني لأنه ثوبه مب من ثوبنا .. ولونه مب من لوننا ..
ما ينفع لنا  ؟

عنبر : لا .. يعني لا وانا قلت له لا ..

( يعودان لطبيعتهما لكي يختم عنبر القصة )

عنبر : راحت وخذاها واحد من مستواها وانا بعد فترة تركت الفريج و ....

عمبر : و شو ؟؟؟

عنبر : لا أذكر .. تتوقف ذكرياتي برحيلي عن الحي .. وتبدأ ذكريات جديدة
مظلمة كلما افتح عيني هنا ..

عمبر : و أي ذكريات هذه ؟؟

عنبر :انت وهذا العنبر ...

( وفجأة يفتح أحدهم الفتحة الموجودة في الباب ويرمي بكأس ماء ويغلق الفتحة ينتبه له عمبر بينما يسرح عنبر بماضيه ويعود عمبر الى مرتبته ومن ثم ينظر خلفه يجد عنبر يتجه نحو الحائط  ممسك بالقطعة ويحاول أن يحفر بما تبقى منها  يقترب عمبر من الكأس ينظر ما داخله يضع إصبعه ويلعقه ويتلذذ بما تذوقه ويقول بصوت خافت مرتعش )

عمبر : ماء ... ماء...

( ينتبه له عنبر  )

عنبر : ماذا ؟؟؟

عمبر : مأأأأأأأأأ .. ماأأأأأأأأأأأأأأأ ( يقلد صوت الخروف )

عنبر: عنبر مجانين.. مابالك تحولت الى ذوات الأربعة ...

( يضحك عنبر و عمبر يجامله بالضحك المصطنع فيلاحظ عنبر ما بيده فيقترب منه ببطء ويرجع عمبر بضع خطوات للخلف .. يقف عنبر مكانه ويحاول أن يكتم غضبه فيفاجئه عمبر بالكأس ويشرب ما فيه حتى آخر قطرة .. ومن هول ما رآه عنبر لم يحرك ساكنا" وبعد لحظات يأخذ نفسا" عميق ويبدأ بالصراخ والسب ويمسكه من ثيابه ومن شدة غضبه يمزق ثياب عمبر يشده من يده ومن ثم من شعره .. ويصرخ عمبر متألما" )

عمبر : ابتعد أيها المجنون ... ابتعد ...

عنبر : سوف أقتلك ... حرمتني من اللحمة .. والآن تشرب الماء كله ...

عمبر : اصرخ و اطلب من الحارس ان يأتي لك بكأس آخر ...

عنبر : صح .. قالوا لك نحن في فندق 5 نجوم ..

عمبر : اتركني ... قلت لك اتركني ..

عنبر : اترك ماذا ولا ماذا .. تماديت كثيرا" ...

عمبر : سوف أطلب من الحارس بأن يحضر لك الماء ..

عنبر : لا .. سوف اشرب من دمك وارتوي .. وسآكل من لحمك حتى انتهي بمصمصة العظام .

عمبر : ابتعد عني  .. قلت ابتعد ..
عنبر : لن ابتعد سوف تلحق بمن سبقك .. وستنام في تلك الحفرة اللعينة
حالك من حال من كان هنا ...

( يتخلص عمبر من قبضة عنبر ويرجع للخلف حتى يصل للحفرة وتتضح هنا ملامح الغموض )

عمبر : من سبقني ..؟؟!! أتود ان تقتلني ..؟؟

عنبر : انا . ... انا ... نعم سأقتلك وسأحفر الحائط بعظامك .

عمبر : انت مجنون ... مجنون ...

عنبر : اسكت ...

عمبر : انت مجنون ... مهووس .. نسيت من انت ولماذا انت هنا .

عنبر : اصمت .. ولا قتلتك .

عمبر : تقتل من ؟ أرجوك لا تدعني أضحك فالوقت الآن ليس وقت ضحك .

عنبر : سوف أقتلع قلبك .. سأشوي لحمك .

عمبر : يا ريال .. تذكر الآن ما تود ان تتناسها ..كنا 4 تعاونا على واحد أكلناه و دفنت بقاياه واصبحنا 3 .

عنبر : اسكت .

عمبر : بعدها ألحقنا الثالث بالرابع وظللت انت والثاني .

عنبر : قلت لك اصمت .

عمبر : وقبل ان تقتل الثاني مات بسبب الحمى وحرمت من لحمه فلم يكن أمامك سوى دفنه مع الباقين .

عنبر : والآن دورك .

عمبر : دور من ؟؟؟

عنبر : دورك انت ..

عمبر : يالك من احمق ... كيف ستقتلني ؟

عنبر : بهذه القطعة التي في يدي .

عمبر : قلت لك كيف ستقتلني ؟

عنبر : ماذا ؟

عمبر : كيف ستقتلني وانا هو انت .

( لحظة صمت .. ينظر فيها عنبر الى عمبر بينما يكمل عمبر )

عمبر : لم يبقى احد غيرك في هذا العنبر .. وبعد ساعة الصفر
امطرت السماء صواريخ حولت مدينتنا الى حطام وبات هذا العنبر تحت الحطام .. اكلك اليأس فأكلت من معك .. سكنك الخوف فسكنت انا معك ..

عنبر : هذا كذب .. كذب .. انا تخرجت من الجامعة وتوجهت الى البيت لكي ...
لكي .... 

عمبر : تذكر ... من انت .. شاعر .. جندي ؟؟؟ أم استاذ في التاريخ

عنبر : كأنني بدأت أتذكر ... ولكن لماذا هناك نقط كثيرة في ذاكرتي...
لماذا أرى الفراغ يجتاح مخيلتي...؟؟

( يبدأ عنبر في البكاء ويتجه نحو الحائط ويحاول ان يحفر بشكل هستيري تارة بالقطعة وتارة بيده ولا يزال عمبر يكمل حواره )

عمبر : اسأل نفسك من انت ...

عنبر : سألت نفسي كثيرا" ولم أرسى على بر
هل الذي بي خير أم  انه الشر ...؟؟
هل مثقل بالعيوب ولا خاليا" من الذنوب ...
أم ما بداخلي الاثنين مجتمعين مع بعض .. أم إنها أفكار تضارب ليست لها صلة ببعض

عمبر : تذكر ... وستنال العقاب ...

عنبر : يا حارس ... يا حارس ...

عمبر : أي حارس هذا ... انا والحارس جالسان هناك فوق .. داخل ما يحمله عنقك ..

عنبر : سوف أخرج من هنا ... ولن أحتاج لكلامك الفارغ .

عمبر : عقلك بات فارغ تجرد من الحاضر والمستقبل وسكن في طيات الماضي .. لا يود عقلك النظر في الآن .. سيظل في كان .. هي معادلة سهلة لم تعرف حلها .. المعادلة مكونة من الفكر والضمير والإيمان و أنت فقدت هذه المكونات بسبب غريزة الجوع والخوف  .. عنبر ... لا تحاول الخلاص من العنبر فأنت جزء منه .. مثلما أنا جزء منك ... أنت عنبر في قلب عنبر وأنا عمبر .

عنبر : لقد تذكرت من أنا ... ومن أين انا ... واين انا الآن .. انا .......

( يختفي صوته تدريجيا"  يبدأ مؤثر صوتي وهو عبارة عن بعض مقتطفات من بعض حوارات المسرحية مختلطة وكأنها   Flash Backمع صوت خطوات الأقدام تقترب من جديد ونسمع صوت مؤثر وكانه غاز ينتشر في الغرفة وفي تلك الأثناء يتقدمان الى وسط المسرح ويلتصقان ببعض كما أول المسرحية ويتحولان الى جسد واحد وهو جسد عنمبر ويتجه هذا الجسد الى الفراش وينام )


إظلام


 ** النهاية **


حازت المسرحية على 6 جوائز في مهرجان دبي لمسرح الشباب سنة 2008
شاركت المسرحية في مهرجان المسرح العربي في مصر 
شاركت المسرحية في المهرجان المسرحي في الاردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق